ما هو التضخم

التضخم هو انخفاض القوة الشرائية لعملة معينة بمرور الوقت. أو يمكن أيضًا النظر إليه على أنه ارتفاع في المستوى العام للأسعار، وغالبًا ما يتم التعبير عنه كنسبة مئوية. ينتج التضخم بشكل عام عن كثرة الطلب على العديد من السلع والخدمات، مما يؤدي إلى زيادة في الأسعار. ومن المهم القول بأن مستويات التضخم المعقولة (حوالي 1-2% سنوياً) لا تضر بالاقتصاد ككل بالضرورة ولكنها تؤثر على المستهلكين حتماً.

مثال

دعونا نلقي نظرة على المثال التالي: لنفترض أنك ذهبت لشراء كيلوغرام جبنة بتكلفة 5 دولار السنة الماضية. أما الآن فستدفع 7 دولارات لشرائها. لحساب التضخم عليك بقسمة السعر الجديد على السعر القديم ثم ضرب الناتج ب 100 لتكون نسبة التضخم في هذا المثال 40%.
هذا ولا تؤدي الأسعار المرتفعة في أحد القطاعات الاقتصادية إلى تضخم عام يؤثر على القطاعات الأخرى بالضرورة. إلا أن ارتفاع الأسعار في عدة قطاعات اقتصادية سيؤدي إلى ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين. فعلى سبيل المثال، نقص بعض مكونات السيارات أدى إلى نقص في عدد السيارات المصنَّعة وبالتالي إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة في كثير من الدول. ولكن هذه الزيادة في أسعار السيارات لن تؤثر عليك إذا لم تكن راغباً أو قادراً على شراء سيارة.

ما الذي يسبب التضخم؟

تعود أسباب موجة التضخم الحالية إلى عدة عوامل يرتبط معظمها بوباء الكوفيد-19. فعلى سبيل المثال، الكثير من المستهلكين استطاعوا إدخار الكثير من المال خلال الوباء وذلك بسبب المساعدات الحكومية من جهة، ومن عدم قدرتهم على الإنفاق من جهة أخرى بسبب الإغلاق الذي ساد معظم الدول.
أحد الأسباب المهمة للتضخم هو اضطراب سلاسل التوريد الذي ساد العالم بسبب الوباء. فالصين لم تعد قادرة على توريد البضائع بشكل كاف بسبب الإغلاق الذي فرضته الحكومة الصينية. وقد فاقم الوضع أكثر تكدس حاويات النقل في موانئ أمريكا الشمالية لعدم قدرة السفن على إفراغ حمولاتها بسبب الإغلاق. هذا بالإضافة للغزو الروسي لأوكرانيا والذي أدى إلى زعزعة في أسواق الغاز الطبيعي والنفط، حيث ارتفعت أسعار المحروقات بشكل جنوني عالمياً. وعندما ترتفع أسعار الطاقة ترتفع معها أسعار كل السلع تقريباً.

ما هو الدور الذي تلعبه البنوك المركزية في التضخم؟

أما السبب الأهم وراء التضخم فهو طباعة النقود بلا رقيب من قبل البنوك المركزية في كل دول العالم بلا استثناء. فكلما زادت كمية النقود كلما قلت قيمتها. إذ لا توجد عملة واحدة في العالم مرتبطة بالذهب الآن. وهذه الطباعة تزيد وتيرتها في حال الأزمات (كوباء كوفيد-19) أو الحروب وذلك لتغطية النفقات الحكومية المتزايدة. فعلى سبيل المثال، طبع البنك المركزي الأمريكي (البنك الفيدرالي) تريليونات الدولارات خلال العامين الماضيين ونفذ ثلاث حزم تحفيزية لتلافي أزمة ركود إقتصادي، حيث أن طباعة النقود عادة ما تترافق مع معدلات فائدة منخفضة نسبياً لتشجيع المستهلك على الإقتراض والإنفاق والإستثمار.
قد تخرج معدلات التضخم عن المألوف أحياناً كما هو الحال هذه الأيام (التضخم حوالي 10% أو أكثر)، عندها تسارع البنوك المركزية لزيادة سعر الفائدة مما يؤدي إلى إرتفاع تكلفة الإقتراض وإنخفاض الإستهلاك وبالتالي إلى استقرار في الأسعار. مثل هكذا إجراءات لا تأتي بدون أعراض جانبية. إقتراضٌ أقل يعني إنفاقٌ أقل، وهذا بدوره قد يسبب ركوداً في الإقتصاد يزيد من تدهور الوضع الإقتصادي.

كيف يتم قياس التضخم؟

هناك طرق مختلفة لقياس التضخم، وقد تختلف من دولة لدولة أو من مؤسسة لمؤسسة. والطريقة الأكثر شيوعاً هي ما يسمى مؤشر أسعار المستهلك أو CPI (consumer-price index). ويعتمد هذا المؤشر على تقييم سعر سلة من السلع والخدمات ويستثني عادة الإنفاق على الخدمات الطبية أو ما شابه. فقد يشمل المؤشر أسعار الإنترنت، المواصلات، الحليب، البيض، والخضار ..الخ. ولكن عادة ما يُتهم هذا المؤشر بأنه لا يعكس الصورة الواقعية للتضخم لأنه يعطي أرقاماً أقل من الواقع.